« السامري يدق أجراس المآذن » قصة قصيرة للكاتب الدكتور العشماوي عبدالكريم

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كانت ظلمة الليل شديدة وازداد الإحساس بها مع زيادة برودة شتاء أوربي قارص، يأكل في تلك الأجساد النحيلة الجائعة، والتي اكتست أثوابا بالية ارتداها أجدادهم من فقر وذل وسط دروب صغيرة تم بناؤها بأحجار خشنة تنفث من بينها هواء يتسرب ببرودته الشديدة لترتعد القلوب، خلا المكان  من وسائل التدفئة في تلك العصور الوسيطة والتي عبرت فيها أوربا عن مكنونات  النفس المظلمة إيمانيا وفكريا وثقافيا.

ووسط تطاحنات الشرق والغرب في حروب أظهرها رموز أوروبا بأنها دينية، وفي مواقيت متسارعة من إجلاء للمسلمين واليهود من الأندلس ووسط انتهاء حروب صليبية بين شرق مستنير وغرب شديد الظلم لنفسه ساهم في فساد وإفساد مواطنيه مقارنة باستقرار الشرق بعد انحسار المغول ووسط تلك الصبية الجالسة إمام شيخهم العجوز يعلمهم العهد القديم وتعاليم السيطرة علي العالم بالتحالف مع كل القوى المسيطرة والانذلال لها للحصول على ما يريدون، كان يجلس عبوديا بأنفه المعكوف ولونه الأصفر بملامح متجمدة وغطاء رأسه البالي القديم وعيونه البارقة التي لم تستطع شياطين الثلوج  الساهرة أن تحنيها وبدقات قلب ساخن أسفل جسد.